منتديات أوماتكس

بيت /
أوراق بحثية

قَصُّ الحقّ: بديل للرأسمالية والدولة القومية | الجزآن الأوّل والثاني

 

 

الوصف

إنّ استمرار الحياة البشرية على سطح الأرض يصبح غير مستدام إذا ما واصل الإنسان السير على الطريق ذاته. إنّ سيطرة الدولة القومية، مقرونة بالنظام الرأسمالي، تؤدي إلى استنزاف غير مسبوق لموارد الأرض. فعلى سبيل المثال، لو كان البشر يعيشون جميعًا على نمط الحياة الأمريكي، لاحتجنا إلى ٤.٨ كواكب أرضية لدعم نمط حياتنا الحالي وتمكين الكوكب من تجديد ذاته. وفي الوقت ذاته، تبدو البدائل المتاحة للبشرية عصيّة على الإدراك مقارنة بكتاب الدكتور جميل أكبر التحويلي «قَصُّ الحقّ». يبيّن أكبر بأنّه، على النقيض من النماذج الاقتصادية والسياسية الرأسمالية السائدة التي تعجز عن خلق بيئات مستدامة، فإنّ النظام القانوني الإسلامي، المتجذّر في مفهوم الحقوق، يقدّم مقاربة بديلة. يناقش كتابه كيف يمكن لمفهوم الحقوق أن يتصدّى لقضايا جوهرية مثل التلوّث، البطالة، والطبقية الاجتماعية. وفي العقلية الغربية، غالبًا ما تُصوَّر المجتمعات على أنّها إمّا خاضعة لسيطرة الدولة أو غارقة في الفوضى. أمّا في الثقافة الإسلامية، فإنّ مفهوم الحقوق ضمن الشريعة يشير بأنّ تفعيل الحقوق الفردية وحقوق الملكية من شأنه أن يقلّص من دور الدولة. فالمسألة ليست صراعًا بين الدولة والفوضى؛ بل إنّ الحقوق تملأ الفراغ الذي ينشأ عند غياب الدولة القوية. إنّ مقترح أكبر، القائم على إعادة النظر في دور الفرد ضمن نظام قائم على الحقوق مقابل الدولة، يقدّم بارقة أمل جديدة للبشرية نحو مستقبل مستدام. الدكتور جميل أكبر هو مهندس معماري وأكاديمي ومنظّر. تتركز مساهماته النظرية حول البيئة المبنية، حيث يقيس جودة العمران من خلال مفاهيم مثل المسؤولية، والتحكم، والملكية، والتدخلات. درس العمارة في جامعة الملك سعود، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT).

 

الملخّص

الجزء الأوّل

 

العرض الرئيسي (الدكتور جميل أكبر)

المقدّمة: السياق والغاية

تُركّز المقاربات التقليدية في تعريف غير المسلمين بالإسلام عادةً على العقيدة، والروحانية، والأخلاق العامة. غير أنّ مقاربةً قد تكون أكثر وقعًا وفعالية تتمثّل في معالجة القضايا ذات الاهتمام البالغ في الغرب، مثل تغيّر المناخ والتلوّث، مع إبراز كيف يمكن للمبادئ الإسلامية أن تقدّم حلولًا لمشكلات العصر الراهن.

 

أزمة النظم الحديثة

تستحقّ الأنظمة الاقتصادية والسياسية الحديثة — وفي مقدّمتها الرأسمالية والدولة القومية — النقد لعدم استدامتها الجوهرية ولدورها في تفاقم التدهور البيئي، وعدم المساواة الاجتماعية، ومعاناة البشر. تقوم الرأسمالية على ثلاثة مظاهر، جميعها تسهم في التلوّث وتغيّر المناخ: ١) تنمية طبقة من العمال بالكاد يعملون، لاستغلالهم في السعي الدؤوب لتحقيق الربح من خلال الإفراط في إنتاج منتجات منخفضة الجودة؛ ٢) افتقار عمّال المصانع لأي حصة مالية في المصانع، في حين يعيش المالكون بعيدًا غير معنيين بالتلوّث الناجم عن مواقع الإنتاج؛ ٣) تطوّر المُدُن الضخمة البعيدة عن المناطق الغنية بالموارد، ممّا يزيد من نقل السلع، والاستهلاك، وفي النهاية، التلوّث.

وعلى النقيض من ذلك، فإنّ النظام الاقتصادي الإسلامي سيُركّز على تقليص الاستغلال واحترام البيئة، من خلال السعي إلى: ١) القضاء على البطالة باعتبارها صمّام أمان ضد الاستغلال؛ ٢) تحفيز العمال على أن يكون لهم حصص في مواقع العمل؛ ٣) تطوير مواقع الإنتاج — التي تجذب الأيدي العاملة — بالقرب من المناطق الغنية بالموارد، ممّا يقلّل الحاجة إلى نقل السلع على نطاق واسع ويحدّ بالتالي من التلوّث.كذلك ستضمن المبادئ الإسلامية توزيع الثروة بشكل أكثر عدالة، ممّا يمنع تركز الموارد في المُدن الضخمة، ويشجّع على تنمية مجتمعات محلية أصغر، مكتفية ذاتيًا ومستدامة.

 

المأزق الفكري الغربي

ينعكس المأزق الفكري في الفكر الغربي في الطريقة التي تتهاوى بها الادّعاءات القائلة بأنّ النظام الرأسمالي السائد هو نظام ديمقراطي، ومبتكر، ومرِن، وقادر على الصمود أمام الاضطرابات والصدمات، وعلى تصحيح ذاته؛ إذ تكذّب هذه الادّعاءاتَ الوقائعُ المعاشة من فقر، وتلوّث، وتغيّر مناخي، وتدمير للموائل الطبيعية، وأزمات مالية.حتى المنظّرون الغربيون، حين يمارسون النقد، يظلون أسرى الأُطر المفاهيمية للرأسمالية والدولة القومية ، عاجزين عن تصوّر أنظمة بديلة. وهذا ما يقيّد الإمكانات المتاحة لإيجاد حلول حقيقية للمشكلات العالمية، مثل تغيّر المناخ وعدم المساواة الاقتصادية.

 

المبادئ الاقتصادية الإسلامية

يعتمد عماد الاقتصاد في الإسلام على ثلاث آيات قرآنية — [الحشر: ٧]، [التوبة: ٦٠]، [الأنفال: ٤١]، وكلّها تشدّد على أنّ إعادة توزيع الثروة ينبغي أن يتوجَّه إلى الأفراد المحتاجين، مثل الأيتام، الفقراء، وأبناء السبيل، بدلاً من أن تتركّز في مؤسّسات تسيطر عليها الدولة، مثل بيت المال أو وزارة المالية. تُعزّز هذه المقاربة إحساس المسؤولية وروح الجماعة، إذ يُشجَّع الأفراد على دعم بعضهم البعض مباشرةً، بدلاً من الاعتماد على تدخّل الحكومة.

 

دور الحكومة

قبل تضخم مسؤوليات الحكومة من خلال الاجتهاد الخاطئ، كانت هذه المسؤوليات مقتصرة على الدفاع العسكري، والفصل في النزاعات بين الناس، ومجموعة محدودة من المهام الإدارية. إذا كنا نرغب في إضافة مسؤوليات خارج هذه المجالات، فإن علينا أن نثبت أن هذه الإضافات ستعزز المجتمع.  أمّا الأنشطة الاقتصادية وإدارة الموارد، فتبقى في الغالب موكولة إلى الأفراد والمجتمعات. 

إنّ الخيار ليس، كما قد يخشى البعض، بين التنظيم، والبيروقراطية، والهرمية  من جهة، وبين فراغ الفوضى واللاسلطوية (anarchy) من جهة أخرى. فمفهوم الحقوق يملأ هذا الفراغ. إنّ ربط الأحكام بالحقوق يقلّل من الحاجة إلى الاجتهاد. كما أنّ تقليص دور الحكومة لن يؤدي إلى الفوضى، بل سيُفضي إلى مجتمع أكثر توازنًا وعدلًا، متجاوزًا حالات القصور وعدم المساواة الاجتماعية التي تنجم عادة عن تدخلات الحكومة.

 

قَصُّ الحقّ

الآية المحورية هي [الأنعام: ٥٧] التي تستخدم الاستعارة في تصوير الله تعالى وهو «يقُصّ» الحقوق إلى أجزاء عدّة، ليُترك لنا أمر وصل هذه الأجزاء ببعضها البعض. وفيما يلي مثالان على ذلك:

– وصل أحكام المواريث [النساء: ٧] مع أحكام الشُفعة (أحاديث الشفعة) بما يؤدي إلى تحقيق أعلى جودة وفوائد ممتدّة عبر الأجيال: إذ إنّ قوانين المواريث تفرّق الثروة، بينما قوانين الشُفعة تصلها.

– وصل سبعة أحاديث للاستنتاج بأنّه ينبغي إبعاد السلطات السياسية عن التحكم في الاقتصاد، سواء من حيث إصدار العملة، أو التحكم في الوصول إلى الموارد، أو تسهيل الاحتكار.

الحقوق تمثّل ثلاثة أنواع من العلاقات: ١) علاقة الأفراد مع الله تعالى؛ ٢) العلاقات بين الأفراد؛ ٣) علاقة الأفراد مع الدولة — وهي المقصوصات الحقوق.

تاريخيًا، بالغ الفكر الإسلامي في التركيز على القِيَم (أي العلاقات الأولى والثانية)، وقلّل من شأن المقصوصات الحقوق، التي تشكّل الأساس اللازم لاستدامة العلاقات الأخرى. فبينما تعكس القِيَم الأمنيات والنتائج المرجوّة، تظلّ ثانوية بالمقارنة مع الآليات الفاعلة للحقوق، التي تدفع الناس إلى العمل. إنّ المقصوصات الحقوق، تؤسّس لأمّة قوية تحتفظ بملكية قراراتها وتنظيم شؤون معاشها، وإنتاجها، وولائها.

 

إعادة تعريف الاقتصاد السياسي

إنّ جمع الموارد، والتصنيع، وتقديم الخدمات تتطلب ثلاثة عناصر أساسية، يمكن اليوم شراء جميعها بالمال: ١) الموارد؛ ٢) التصاريح؛ ٣) المعرفة. في الإسلام، يجب أن تكون هذه العناصر متاحة للجميع:الموارد — بما في ذلك الأرض — هي من المنافع العامة، متاحة لكل من يستطيع استخراجها، إحيائها، واستخدامها؛ لا حاجة للحصول على موافقة الحكومة لإقامة أي مشروع طالما لا يُلحق ضرر؛ المعرفة هي ملك للجميع. وبذلك، يعزز مفهوم الحقوق ملكية واسعة واستقلالًا اقتصاديًا، مما يقوض الحواجز التي تعترض طريق الملكية والمساواة، التي تترتب على تركيز الأراضي والموارد في يد الدولة أو نخب ضيقة. ويُعزز هذا بشكل أكبر من خلال القضاء على الحدود السياسية وتشجيع حركة حرة بين المناطق.

 

الأسئلة والمناقشة: النقاط الرئيسية

توفر أعمال الدكتور جمال أكبر

تُعدّ هذه المحاضرة مقدمة موجزة جدًا لعمل الدكتور أكبر الذي يتألف من ثلاثة مجلدات، وهي بالكاد تتطرق إلى التفاصيل واردة في الكتاب. المتعلق بمؤسسة أمّتكس: لا يمكن تكوين الأمة بمجرد النصيحة والتوجيهات. بل، عندما يعرف الناس حقوقهم، سيتسارعون لاستيفائها. ومن دون ذلك، ستظل الأمة خاملة.

 

ملكية الأرض، أزمات الإسكان، ومفهوم «ليس في حَديقتي» (NIMBYism)

كيف يمكن تحقيق تعميم ملكية الأراضي من خلال سياسات إحياء الأراضي في ظل الواقع الحالي لأزمات الإسكان ومفهوم «ليس في حَديقتي»؟ هذه المشاكل تنشأ من تركيز الثروة والموارد في المدن، وحصر حركة الناس في الدولة القومية ، مما يؤدي إلى الاكتظاظ، ارتفاع أسعار العقارات، وعدم المساواة الاجتماعية. في غياب هذه القيود، سيتنقل الناس بشكل طبيعي إلى الأراضي التي يمكنهم العمل فيها بحرية، وبالتالي امتلاكها، مما يقلّل الضغط على المراكز الحضرية ويسمح بتطوير أكثر استدامة.

 

الدولة القومية والعملات الورقية

حتى إذا تم تبنّي المثال الاسكندنافي للحكم المعاصر بنجاح في العالم الإسلامي، فإن مصيرنا سيكون التلوث وتغيّر المناخ. الطريقة الوحيدة لضمان مستقبل مستدام للجميع، مع نمو سكاني مستدام وتحسين نوعية الحياة، هي من خلال تبني المقصوصات الحقوق. كذلك، مع العملات الورقية التي تتحكم فيها الدولة، في اللحظة التي تتجاوز فيها العملة وظيفتها الوحيدة في التبادل، تصبح أداة للتلاعب واستمرار عدم المساواة.

 

الملكية، الكرامة، والعبودية لله

تتعلق الشريعة بتنشئة فرد كريم لديه عمل، ومنزل، وأرض، مما يجعله حرًا في تكريس نفسه لله. في المقابل، يجد المسلمون اليوم الذين فقدوا تمكينهم أنفسهم تحت رحمة الحكومات، والبيروقراطيين، والشركات التي تحرمهم من حقوقهم وتعرقل تفانيهم تأمين إخلاصهم على حساب الإخلاص لله، نحن عبيد لهم بدلًا من أن نكون عبيدًا لله.

 

الجزء الثاني

العرض الرئيسي (الدكتور جمال أكبر)

 

النقاط الرئيسية

١. لا يمكن تكوين الأمة إلا من خلال الحقوق: إنّ الإحياء يتطلب أن يفهم أعضاؤها حقوقهم كما حددتها الشريعة ويمارسوها.

٢. الحقوق تختلف عن “التمكين”  الذي يتحقق من خلال الحركات الشعبية. فالأخيرة توجد فقط في الأنظمة التي تشجع الجماعات المتنافسة على النضال للحصول على حقوقها من السلطات المركزية، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الاضطرابات الاجتماعية وعدم الاستقرار، بينما يأتي استقرار المجتمع الإسلامي من الحقوق والواجبات الواضحة والمحددة التي استمرت لقرون.

٣. يقارن البعض بين «قَصُّ الحقّ» و«النيوليبرالية». ومع ذلك، في حين أن النيوليبرالية تركز على الاقتصاد، مما يؤدي إلى نقاشات حول دور الحكومة، وتخلق فراغًا، فإن «قَصُّ الحقّ» يملأ هذا الفراغ بمحوره: الحقوق.

 

الحجج الرئيسية

١. بغض النظر عن الثقافة أو الدين، يمكن للناس أن ينجوا من التلوث وتغير المناخ من خلال الحقوق، مما يقلل من الاحتكار، والتفاوت الطبقي، والبطالة، والإنتاج المفرط. لن تؤدي الهياكل الاقتصادية والسياسية الحالية أبدًا إلى بيئات مستدامة.

٢. تؤدي الأنماط الفكرية الغربية إلى القوانين، واللوائح، والبيروقراطية، وبالتالي التدخل، والاحتكار، والتفاوت الطبقي. بينما تفعل الشريعة العكس من خلال الحقوق.

٣. نحن لا نفتقر إلى نماذج اجتماعية أو اقتصادية أو تقنية تهدف إلى تقليل التلوث أو تشجيع الاستدامة؛ بل نفتقر إلى فهم العلاقة بين المجتمعات والحقوق.

٤. تساهم نظرية مالثوس في التلوث؛ إنّ التركيز على الندرة يؤدي حتمًا إلى السيطرة على الموارد، التفاوت الطبقي، عدم المساواة، والاستغلال.

٥. إنّ الخيار الظاهر بين التنظيم الاجتماعي (الذي يعتمد على الهرمية السياسية ويؤدي إلى البيروقراطية) وفراغ الفوضى الاجتماعية (التي تُكوّن فيها المجتمعات بحرية دون سلطة) هو خيار زائف. ففي الإسلام، تملأ الحقوق هذا الفراغ.

 

«حساء الخنزير الإسلامي»: نقد للتمويل الإسلامي

على الرغم من أن الحساء قد يحتوي على عناصر مباحة مثل الزيت والبصل، إلا أن ذبح الخنزير «وفقًا للشريعة» لن يجعله حلالًا، وإضافته إلى المرق ستجعل الحساء بأكمله محرمًا. وبالمثل، بينما قد يتضمن «التمويل الإسلامي» بعض العناصر الإسلامية الفردية، فإن المسعى برمته غير صالح من حيث المبدأ، لأنه مجرد رأسمالية تقليدية «محقونة بالقيم الإسلامية». وهو يعتمد على ثلاثة أعمدة: ١) القيم—الضوابط التي يصعب إثباتها أو التحكم فيها؛ ٢) الحظر على الربا، وبيع المخدرات والكحول، والدعارة، وما إلى ذلك—الضوابط التي يمكن التحكم فيها؛ ٣) التمويل من خلال المشاركة—التحكم في الأطراف غير المنتجة الذين هم بيروقراطيون، وليسوا مالكين منتجين.

أما التمويل الإسلامي الحقيقي فإنه سيقضي على البيروقراطية والهرمية، مع التركيز بدلاً من ذلك على العلاقات المباشرة المبنية على الثقة. البنوك تعيق الازدهار الاقتصادي من خلال خلق الحواجز أمام الحصول على الموارد، ونقل المعرفة، والحصول على التصاريح. بينما تشجع الرأسمالية على تراكم الثروات، يشجع الإسلام على الإنفاق والشراكات التي تؤدي إلى الإنتاج الفعّال والتوزيع العادل.

 

الولاء، الإنتاج، والإقليم

في الدولة القومية، هناك تداخل تام بين هياكل الولاء (الدولة)، والإنتاج (الاقتصاد الوطني)، والإقليم (الحدود الإقليمية للدولة). أما في الإسلام، فإن الأمة المنظمة تتطلب تشكيل هياكل فرعية ومساندة من الولاء، التي قد تتكون من أفراد من هياكل إقليمية مختلفة. ضمن الهياكل الفرعية للولاء الفردي، قد توجد عدة هياكل إقليمية و/أو إنتاجية.

 

العملية مقابل المنتج

النظر إلى منتجات الماضي الإسلامي (مثل العمارة) بحنين غالبًا ما يؤدي إلى إغفال العمليات التي أدت إلى هذه المنتجات؛ وبالتالي، فإننا نقلد الماضي بشكل سطحي بينما نظل متناغمين مع الرأسمالية، والاحتكار، والاستغلال، والاستهلاك المتزايد باستمرار.

 

المناقشة

النظرية والممارسة

سد الفجوة بين النظرية والممارسة يكمن في نشر الوعي: إذا عرف الناس حقوقهم، سيقومون بممارستها. ينظم الناس بشكل حدسي من أجل الدفاع عن النفس، كما حدث أثناء غزو الولايات المتحدة للعراق أو في الربيع العربي. بالمثل، أولئك الذين يعرضون حياتهم للخطر للهجرة إلى أوروبا قد “يهرّبون” السلع إذا كانوا يعرفون أن ذلك حق لهم وليس عملاً غير قانوني. بمجرد أن يكون الناس على دراية بحقوقهم، فإن التمكين اللامركزي للحقوق (مثل الصيد، وبناء الآبار، وإحياء الأراضي، دون إذن) سيغير تدريجيًا كلاً من المجتمعات واستجابة الحكومات، مما يؤدي في النهاية إلى الخلافة.

 

المواجهة المباشرة مقابل رفع الوعي

المواجهة المباشرة خطأ، لأن الدولة مسلحة والشعب ليس كذلك، ولكن إذا تم تمكين الناس من معرفة حقوقهم وممارستها من خلال أفعال قد تُعتبر مناهِضة، بعد تجاوز حد معين، ستضطر الدولة إلى الاستسلام لعدم قدرتها على الرد.

 

الأسئلة والأجوبة

 الشركات ذات المسؤولية المحدودة والتنمية الاقتصادية

مؤلّفون مثل تيمور كوران يدّعون أن الاقتصادات الإسلامية تخلّفت بسبب فشل المسلمين في تطوير نموذج الشركة ذات المسؤولية المحدودة. في الواقع، تطبيق الشراكات الإسلامية سيؤدي إلى نتيجة أفضل، بإزالة التضخم البيروقراطي الضروري للنماذج الرأسمالية. ولا يعني هذا أن النظام الإسلامي مثالي تمامًا — قد تظهر مشكلات، لكنها ستكون بسيطة مقارنةً بما نراه اليوم.

 هل الاستقامة شرط مُسبق؟

يظن البعض خطأً أن هذا النظام يتطلب الاستقامة كشرط مُسبق — وهو أمر لا يمكن ضمانه. تمامًا كما أن الحدود لا تفترض الاستقامة في المجال الجنائي، فإن هذا النظام لا يفترض الاستقامة في المجال الاقتصادي. بل يضمن الوصول إلى الضروريات المعيشية بما يتماشى مع النزعات الإنسانية الأساسية. الندرة والاحتكار والاستغلال — العناصر المؤدية للسلوك غير المستقيم — يتم تقييدها عندما لا تتحكم الحكومات في الموارد. وبعد تطبيع هذا الواقع الجديد من الموارد والتصاريح والمعرفة، سيميل الناس نحو الازدهار والابتعاد عن الاستغلال. وبعد تأسيس هذا الأساس، سيستفيد المسلمون من طبقة إضافية من القيم المستقيمة التي تعزّز المجتمع.

 تنويع الاقتصاد في الخليج

يعتمد تنويع الاقتصاد في الخليج بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وخاصة نحو السياحة، على تقييد الحركة ويُسهِم في التلوث. إن اقتصاد النفط والتنويع اللاحق كلاهما ناتجان عن عدم تطبيق الإسلام. لو كان المحليّون يسيطرون على شؤونهم الاقتصادية، ربما كانوا سيبنون بنية تحتية لجذب السياحة، لكنهم كانوا سيفعلون ذلك بطرق تمنع التلوث وتعزّز الاستدامة. الإسلام ليس حلًا سحريًا. إذا نشأت أزمة بسبب عدم تطبيق الإسلام، فإن تطبيقه لن يحلّ المشكلة بين عشية وضحاها.

المرافق العامة

يُفهم أن الدولة توفر حدًّا أدنى من الأمور:١) الأمن الخارجي والداخلي؛ ٢) المرافق العامة والبنية التحتية. في أغلب الأحيان، تعاقد الدولة شركات خاصة لتنفيذ هذه الأعمال. في الإسلام، ستنشأ شركات غير احتكارية، يسيطر عليها الناس، لتلبية احتياجاتهم بكفاءة، محليًا وبطريقة لا مركزية. أسوأ الممارسات الاحتكارية التي نخافها اليوم عند الحديث عن الخصخصة تنتج عن تقييد الموارد (التأميم)، والتصاريح (الرُخص)، والمعرفة (براءات الاختراع). لن تنشأ المدن إلا في أماكن غنية بالموارد تدعم سُبل العيش. وعندما تتشبّع المناطق، سيبحث الناس عن فرص في أماكن أخرى من خلال تمويل يُخصّص لابن السبيل.

النموذج الاسكندنافي

لطالما اعتُبر النموذج الاسكندنافي مثالًا ناجحًا، بفضل الضرائب العالية، ودولة الرفاه القوية، وتوزيع أسهم الشركات على الموظفين. ورغم أن إشراك الموظفين كمساهمين مفيد للشركة، فإن المجتمع الأوسع لا يستفيد بنفس الصورة. الشركات تواصل التلوث؛ المعرفة تظل مقيدة ببراءات الاختراع؛ الوصول إلى الموارد تسيطر عليه الدولة. إعادة تعريف هذه الحدود بشكل جذري ستُحوّل جذريًا اهتمامات الإدارة والتخطيط والمهن الأخرى.

الولاء والانتماء

يُفترض أن الولاء والانتماء تاريخيًا اعتمدا على القبلية والقومية. ومع ذلك، حتى بوجود مثل هذه المشاعر، لم تكن تعني ملكية الأرض — فقد قرّر الشافعي أن الملكية تعتمد على الإحياء، لا على الادعاءات القبلية للأرض أو الموارد. روابط الولاء — التي كانت تنتقل فيها الحقوق من أضيق دائرة انتماء إلى المستوى التالي وصولًا إلى النبي صلى الله عليه و سلم أو الخليفة — غالبًا ما شملت الانتماء القبلي. ومع ذلك، لم يكن هذا الموقع الوحيد للولاء والانتماء. على سبيل المثال، رغم أن بعض الشوارع وأحياء المدن كانت تُنسب لسكان من قبائل أو أصول وطنية معينة، فإن غيرها كان يُنسب لمهن معينة أو لمذاهب فقهية، وكلّها تُعد مواقع صحيحة للولاء والانتماء.

اكتشف المزيد

إعادة التفكير في الوحدة الاقتصادية: من الاتحاد الأوروبي إلى الأُمَّة

مهرين خان
يوليو 7, 2025

التحول في سوريا: الشرعية، الحكومة، والتضامن الأمتّي

د. نور غزال أسعد و زيد العلي
مايو 1, 2025

البقع الاستعمارية على تصوّر المسلمين للأمّة

د. عويمر أنجم و فرح الشريف
أبريل 22, 2025

يبحث

يبحث

التنقل

ملتقيات أمّتكس
مجالات الاهتمام
أوراق بحثية
الاصدارات
عن أمّتكس
يبحث